الخميس، 13 سبتمبر 2012


كيف تنصر نبى الله ؟
لا أعرف كيف أبدأ الحديث فى هذا الموضوع .... ، كم هو شىء سىء ومرير ، ولكن ... إنه خطأنا قبل كل شىء ... ، فعندما يتجرأ عليك أحد يوما فهو حقير ... أما إذا كررها دون رد فعل منك ... فأنت من سمحت له بذلك ، وهذا النتاج الطبيعى لتخاذلنا ...
إننى لأتساءل كثيرا ... لماذا تجرأوا عليك يا رسول الله ؟! ... ، فهم يعلمون جيدا أنك حق وأنك نبى من عند الله ومعك كتاب لا ينطق إلا بالحق ، ولكنهم يعرفون أيضا أن الأمة الإسلامية نائمة لا تدافع عن كرامتها ، وكرروها كثيرا وحرقوا المسجد الأقصى ودنسوه والرسوم المسيئة للنبى الكريم وحرقوا القرآن واتهمونا بالإرهاب وألحقوا بالإسلام  كل شبهة عظيمة ... ونحن لاهون .
فماذا سيكون رد الفعل غير ازدياد الجرأة والسفالة ؟! ...
كيف يحترمون أناسا يأخذون من الغرب والشرق كل التقاليع الجديدة دون وعى ؟ ...
كيف يحترمون أناسا لا يحترمون هويتهم ؟ ...
كيف يحترمون شعوبا لا تقدر علمائها الأفذاذ وتعطى قدرا لراقصة تتمايل يلقون تحت قدميها بالمال ؟ ....
كيف يوقرون قوما يعرفون جيدا ما يحدث فى فلسطين وسوريا وبورما وأمام عيونهم جميعا ولا يهتز لهم جفن ... ؟
ولكن القصة لا تبدأ من عند هذه النقطة ... إن بدايتها فى النفوس ...
فكيف تطلب من غير المسلم أن يحترم الإسلام وأنت - من وجهة نظره - تمثله فيرى أفعالك وأقوالك فيحكم على الإسلام من خلالها ؟ ... ، فيسمع سب الدين والألفاظ السيئة وعدم احترامك لهويتك بتقليدك للأجانب وتتلفظ بكلمة من هنا وهناك تعبيرا عن ثقافتك العالية ...
لا أريد فتح ملف الفساد الذى بداخلنا والذى ينطبع على أفعالنا وأقوالنا لأننى أشعر برفض العيش فى هذا الزمان بكل ما فيه من تساقط لكل ما هو عظيم وقيم وغال وتعاظم لكل ما هو تافه حقير ...
أتعرفون كيف تنصروا رسول الله ؟ ....
هذا الإنسان العظيم الذى هو أفضل الخلق وأرفعهم قدرا ...
هذا الإنسان الذى كان وجوده تغييرا جذريا للجهل والتخلف الذى عاشت فيه الإنسانية من قبله ...
هذا الكريم الذى تحمل لأجل الرسالة الكثير والكثير من المصاعب وتحمل أذى المشركين ... ، حمل الأمانة بكل أمانة حتى وصلت إلينا خالصة دون تعب ...
أتعرف أيها المسلم كيف تنصر رسول الله ؟ ...
ليس بالشعارات والأغانى ... ولا بالمظاهرات ولا بكلمات تصرخ بها فى وجه غيرك ثم تمضى وكأن شيئا لم يكن ...
إن نصرة رسول الإسلام بالعمل المخلص ... بتصفية القلب وتنقية الروح من شوائبها ، ستكون ناصرا لله ورسوله عندما تكون مثالا للعالم كله فى الأمانة والإتقان فى العمل ... ، ستكون أسدا قويا عندما تتعامل بأخلاق ديننا العظيم ..
ستعرف الدنيا من هو المسلم حقا حينما تنزع عنك رداء التدين الظاهرى وتغوص فى أعماقك لتطهرها ...
سيكون غضك للبصرنصرة لرسول الله ...
سيكون تحسينك للسانك وتصرفاتك نصرة لدينك ...
ستكون معاملتك الحسنة وأمانتك وصدقك جهاد تجاهد به نفسك وترفع به راية الإسلام ...
حينما ترك الشائعات ... صغائر الأمور ... الكذب .. الكراهية .. حب الذات .. وكل ما يطغى على عقلك فيصرفك عن عبادة الله بقلبك وروحك وعملك ... ، حينما تكون مبدعا فى مهنتك ... تاجرا أمينا ... إنسانا صالحا ، تكلم الناس عن بضاعتك الثمينة بأفعالك الرائعة الراقية وينتشر الإسلام على يديك وبطيبة قلبك وحسن خلقك ...
حينما تعطف على الضعيف وتنصر المظلوم وتقف فى صف الحق ... ، حينما تطبق كلام الله ولا تحفظه فقط ... ، حينما يتخطى الإسلام قشرتك الخارجية ليغزو قلبك ليسكن فيه ...
حين لا تجادل دون وعى ... ، حين لا تتكلم عن غيرك لتلصق به اتهامات الله أعلم بها ... ، حين تكون بشوش الوجه طيب المعشر نظيف فى معاملاتك قبل شكلك ...
إذا فعلت كل ذلك أو حتى حاولت جاهدا سيكون هذا نصرة لرسول الله ... ، ستعرف الدنيا كلها بأن رسول الإسلام قد ترك خيرا كثيرا فى أمته ولا يجرؤ أحد بعدها أن يتطاول عليه لأن قوة الإسلام ستسرى فى عروقنا جميعا وستردع كل سافل وتعرفه قدره الحقيقى وحدوده التى لن يقدر على تخطيها بعدها ...
ستضفى الأخلاق الراقية للإسلام هيبة لوجهك وسيحترمك الناس من كل الأجناس لأنك قبلها احترمت دينك ...
أتعرف من يسىء للإسلام حقا ؟ ...
كل مسلم يتعامل بطريقة سيئة أو بهمجية وسوء خلق أو لا يتقن فى عمله أو يؤذى غيره خاصة عندما يكونوا فى بلادنا ...
أهذا هو الإسلام ؟! ...
فلتنصر نبيك باتباعك له ولسنته قبل التلفظ بشعارات لا تتعدى لسانك ..
فاطمة ماضى
  

الأحد، 26 أغسطس 2012

حد الاعتياد 
ننظر إلى ذلك الشىء فنشمئز ... ونكرهه ... وتتقلص وجوهنا فى استنكار ، ونسمع الأصوات المعترضة التى تقول : كيف يحدث ذلك ؟! ... ، هذا شىء غريب علينا ولا يمكن أن نوافق على ذلك الوضع السخيف ...
ثم يستمر ذلك الشىء فى وقاحة وجرأة ... ويساعده على ذلك بعض منحرفى المشاعر الذين لا يتذوقون أى شىء جميل ... فمشاعرهم مشوهة تجاه كل شىء .
وتمر السنوات حاملة معها الكثير من الاستمرار فى الوقاحة والتفنن فى

 تثبيتها ، ويتحول تدريجيا الاستياء إلى اعتياد .. ، والاعتياد يصبح جزءا من حياتنا ، ولكن فى مكان آخر فى عقولنا يحدث شىء أعمق من ذلك ... ، فعقلك من الداخل عندما يرى الأمر السىء واقع كحقيقة مستمرة كل يوم فإنه يقتنع بها رغما عنك ، وبالاعتياد يصبح حقيقة مسلم بها ومع الأيام تحدث الكارثة ... أن تكون أنت أيضا من مشوهى المشاعر الذين يدافعون عن الخطأ باستماتة ... !
هل عرفت عما أتكلم ... ؟
عن كل شىء سىء كان جديدا يوما ما فى حياتنا ... الأغنيات التى تحمل الأصوات المنكرة البشعة والكلمات الوقحة والألفاظ البذيئة والتى تجعل الإنسان السوى ينتفض من شدة الاشمئزاز ... ، الأفلام التى تحمل مشاهد قذرة مثل تعاطى المخدرات أو الايحاءات المفسدة ... ، مشاهد المجازر فى كل مكان حدث فيه الحرب فى العالم ، مشاهد العنف والدماء والتقطيع فى الأفلام الأجنبية ... ، الأصوات الفارغة العالية الكاذبة ... ، تبجح الناس على بعضها ... والكثير ... والكثير ...
كلها أشياء أى إنسان طبيعى يكرهها وينأى عنها بفطرته السليمة ، ولكن استمرارها مع عدم إزاحتنا لها من حياتنا أولا بأول جعلها تتراكم وتصبح شيئا عاديا ...
وحين تتحول العادة إلى إدمان ... ثم يتحول الإدمان إلى محبة وطلب مستمر لذلك الشىء السىء ... عندها تكون الطامة الكبرى ، فيصبح الراقى والجميل والرائع كلمات تطلق على كل ما هو سىء وقذر لتدهور الأذواق بل ومواتها ...
فيتلذذ الإنسان بسماع الأصوات المنكرة فى الأغانى الشعبية ويقول عنها أنها فن ... !
ولا يستطيع التعبير عن رأيه إلا بغضب ... وبأقذر الألفاظ ... ، ويحب مشاهد الدم والجثث بصفة عامة وليس فى الأفلام فقط ، فيصبح العنف جزءا من حياتنا ... نصرخ .. ونتوعد ونسب ونفسد ...
وإذا قلت كلمة طيبة يصفونك بالضعيف ... وإذا تبسمت فى وجه الناس يصفونك بالمهزار .. ، وإذا ركضت وراء حلمك يستخفون بك ...
هذا لأنك لم تنضم إلى الغالبية ... الذين قلبوا موازين كل جميل وراقى وجيد ولم يعد أحد منهم يستسيغ الموسيقى الراقية أو كلمات الشعر العفيف ...
والخيانة أصبحت شيئا واضحا خلال هذه السنوات ، وبمرور السنين أكثر أصبحت الأخلاق السليمة والاحترام والفن الراقى والحب الذى لا ينطوى على أغراض والأمانة والإخلاص أشياء غريبة ... ومضحكة عند البعض كأننا نحكى قصة ما قبل النوم ..
وكثير من الأصفياء أصبحت الدنيا بالنسبة إليهم عذابا كبيرا لأنهم أصبحوا غرباء لا يفهمهم أحد ولا يسيرون فى نفس منظومة الفساد ...
وما الحل ؟ ... الكل يشتكى ... وكأن الفساد لم يجىء على يديه ، سواء بسكوته أم عدم إصلاح نفسه على الأقل أو باشتراكه فى خلع الإنسان من عباءة الفطرة وتحويله إلى مسخ مشوه ..
ولكن يبقى دائما طريقا مختصرا يمكن من عنده الرجوع ، فبعد محبة الشىء السىء وهى النقطة التى تلى مرحلة الاعتياد ... يمكن أن نساعد أنفسنا على التذوق من جديد والاختيار السليم تنقية لآذاننا مما تسمع ولألسنتنا مما تقول ولقلوبنا قبلهما ، وتحسين ما نتخيله فى أذهاننا من سوء ظن وأفكار مدمرة للآخرين من كراهية وحسد ، لا تقول الدنيا كلها أصبحت كذلك ... لا ... أنت تقدر على تغييرها ... ، أو تستطيع تغيير نفسك على الأقل ..
فاطمة 


17/7/2012



الثلاثاء، 21 أغسطس 2012

الطابع 
هل نظرت طويلا إلى السماء يوما وقت الصباح أو الغروب ؟ ....
هل تأملت منظر النجوم والكواكب ؟ ....
أو وجه رجل جائع فقير ؟ .... أو عين محب ؟
كم نظرنا إلى أشياء مرت بنا فى حياتنا ولم ندر ما هى الرسالة التى يبعث بها الكون إلينا ، فكم مرة نظرنا فيها إلى السماء ... ولكن كم عدد الأشخاص الذين أدركوا أنها ترمز إلى الرفعة والصفاء أو أحيانا الغموض ...
وكم مرة رأينا فيها الجبال ولكننا لم ندرك أنها ترمز إلى الصمود والكبرياء ، وكم مرة نظرنا فيها إلى وجه جائع ولم نفكر وندرك أن وجهه يرمز إلى مجتمع لم يلتفت لحاجة جائع أو ضعيف أو هو رمز لحياة أخرى يعيشها أناس لا نعلم عن أوجاعهم شيئا ...
ونظرنا كثيرا إلى عين المحب واستهترنا بمشاعره واعتبرنا أنها مشاعر طفولية عاجزة عن تحقيق نفسها واقعيا .
كم نرى كثيرا ... وكم لا ندرك شيئا مما نراه ...
هناك رابط وطيد بيننا وبين كل شىء ، فحجرتك التى تنام فيها مثلا منذ سنوات ... فيها نفسك ورائحتك وانطبعت هيئة جسدك على فراشك ، وملابسك أضفت على شكلك جزءا من شخصيتك .
وشكل البحيرة الممتلئة بالتماسيح أصبح يحيطه هالة من الخوف حتى لو مررت بجانبها ولا تعرف أن هناك تمساحا يترقبك فى الخفاء ... !
والموضع الذى عاش فيه الأنبياء يوما فيه شىء طيب من نفوسهم الطاهرة ، والمكان الذى يتعذب فيه السجناء فيه أنفاسهم المتقطعة وشهقاتهم وآناتهم المعذبة حتى لو رأيت السجن بعد إخلائه ...
إنه الطابع والبصمة ... بصمة كل شىء على كل شىء ... ، تأثير شىء على آخر ... ، رسالة يهمس بها كل كائن إلى غيره ... ، عبارة عن تواصل نفسى بين الكائنات وبعضها وبين الأشياء والكائنات .
فكما أن زهرة ما إذا شممتها تذكرت حبيبتك المتوفاه ...
وموسيقى هادئة سمعتها يوما فأراحت ذهنك ...
إنها روحا جامعة توصل بيننا جميعا ، تجعل للحياة صلات ومسارات نعيش فيها ونهتدى بها ...
إنه التوافق بينك وبين الكون ، فكر معى ... لو أن هذه الرسائل غير موجودة ...
فدخلت كهفا مظلما وكان إحساسك معدوم لا تشعر بخوف أو قلق أو حتى بالوحشة ... ثم هاجمك خفاش أو ثعبان ....
أو أنك تعاملت مع إنسان فوجدت عينيه تنطقان بالشر والحقد ، ولم تشعر بقلق تجاهه ثم أوقعك فى مأزق ؟! ...
أو أنك رأيت فى عين ولدك شيئا يخفيه ولم تسارع بمحاولة حل مشاكله ثم تكتشف كارثة قد وقع فيها ...
يسمونها فراسة ... حاسة فطرنا عليها جميعا ، نشعر بما يخفى ... بما لا نراه أو ما ليس له دليل مادى ، بما تخفيه عيون الآخرين لتحذرنا أو تبشرنا بشىء ...
ولا أقول أن هذه الأحاسيس كافية ولكنها مهمة كثيرا فى التفاعل مع الكون من حولك ، إنها جزء من الذكاء ... حس راقى يساعدك على اتخاذ القرار ولا تأخذ بشكل الأشياء أو الناس من حولك فهى أعمق من ذلك .... ، إنها الإحساس الفطرى بالطبيعة والناس والكائنات .
ولكن سؤال بسيط وحله سيكون بين جوانب نفسك .... : هل أنت متصالح مع الكون لتفهمه أو تشعر به ... لتدرك ما يحدث فيه ؟ ، هل بينك وبينه رسائل لا يعلمها إلا الله ؟ ...
فما الذى يجعلك تحن إلى مكان اجتمعت فيه بأشخاص مميزون لديك ؟ ... ، وما الذى يجعلك ترتاح لمنظر الطبيعة الجميلة والتى ترسل إليك رسائل كثيرة قد تستقبلها أو لا ؟ ...
وهل تصالحك مع الكون أساسه تصالحك مع نفسك ؟ ... ، حتى رسائل نفسك إليك لا تريد أن تستقبلها ، لذلك فإن الإنسان المعاصر فى قلق واكتئاب وتوتر مستمر مما جعله معتل كثير الأمراض ، إنه لم يفهم رسائل الكون له ولا دخل من أبوابه وضغط نفسه فى بيت مغلق عليه ، على الرغم أن البيت يرمز إلى الأمان والفراش يرمز إلى الراحة والطعام يرمز إلى فضل الله .
كثير من الأشياء داخلنا تمنعنا من انفتاح روحنا على روح العالم ... ، ظلمة بداخلنا وغفلة نصنعها ونحيكها حولنا .
فالذى يكسر جذع شجرة مفصول عن الطبيعة ، والذى يحسد غيره مفصول عن الواقع وأن لكل إنسان مصائبه حتى لو كنت تراه غنيا ، والذى يظلم مفصول عن التاريخ والذى يثبت أن نهاية الظالم أسود من ظلمة ليل المظلوم .... ، وما الذى يفجر حربا فى بلد آمنة بأحسن حالا منهم ... مريض تفصله نفسه عن الشعور بسطوة الكون حوله وأنه ليس الأقوى بين الكائنات .
أمنيتى أن أذوب فى الطبيعة وأصبح جزءا منها ... أتلقى رسائلها وأفهمها ... ، تسرى فى عروقى الدماء التى تربط الكون ببعضه ، فأتألم إذا خدش نبات ، وأتأثر إذا مات حيوان ... ، وأصاحب نجمة عالية مضيئة لا أرى منها إلا ماضيها اللامع ...
آخذ فى نفسى هواء عميقا منعشا وأسمح للبحر أن يدخل وجدانى بصورته وصوته ، وأعتبر أن ظلام الليل هو محاولة منه لمؤازرتى فى أحزانى فيلبس السواد مثل قلبى ، وأفرح مع ندى الصبح لأنه بكى فرحا لظهور الفجر داخلى ...
فيا أيها الإنسان هل مصر على العيش فى دائرتك ، أم ستحاول الذوبان فى الطبيعة والكون لفهم رسائلهما ؟ ....
مدونتى الجانب الآخر
صفحتى الأصوات الخفية

السبت، 4 أغسطس 2012

آلام سوريا


آلام سوريا
حبست أنفاسى بسرعة فى قلق بالغ وخوف ... إنهم يقتربون ، نعم ... هذه هى خطواتهم ، وتسارعت دقات قلبى ونظرت إلى أهلى ... وعينى طفلى المرتعب ...
ودخلوا بيتى وكانت الكارثة ...
نظرت إليهم ... وجوههم ثابتة لا تتحرك عليها التعابير ، وعينى طفلى تحكى عن براءة اغتصبت وانتهكت من المجرمين ... وأجسادهم مستسلمة للموت .
وصرخت بكل قوتى ... : لماذا ؟! ... لماذا لم يقتلوننى معهم ؟! ... ، لماذا تركونى وسط كل هذه الجثث أتجرع الحسرة والألم والعذاب لفراقهم ؟ ...
هؤلاء هم أعوان الطاغية يقتلون ويقطعون وينهبون ويسرقون ...
يقتلون قلوبنا حزنا على أطفالنا الصغار الذين ماتوا لأجل ذنب لم يرتكبوه ...
يقطعون أحبال صوتنا من الصراخ لما نشعر به من شدة وكرب ...
ينهبون أحلامنا ببناء بيوتنا ودولتنا من جديد ...
يسرقون كرامتنا وآدميتنا ويدوسون على وجوهنا كالعبيد ...
لا ... قلتها ورددتها حتى بح صوتى ، كررتها طويلا بإصرار حتى ولو لم يسمعنى أحد ... فكفى على أن سمعنى رب العالمين .
                                                          يا طاغية ... أنت ضعيف مشتت موهوم مريض ....
فحتى لو دمر الاحتلال بيتى الصغير فلن يهدم قصور العزة داخلى ...
ودار فى قلبى سؤال مجنون : لماذا ؟! ... أمن يقول الحق ويرفض الظلم يجب أن يقتل فى هذا العالم الفاسد ؟
أم كل هذا البلاء الذى يعم بلاد المسلمين كان جزاء سكوتنا يوما عن إخواننا فى البوسنة ومن بعدها غزة ؟!
أم هذه الأيام الشديدة خرجت فى وقتها لتكتب بدمائنا فى التاريخ قصة شعب قتيل وطاغية ملعون وأمة نائمة ؟!
وطاش عقلى وهم يضعون أجساد الصغار الميتة بجانب بعضها وقد اختلطت أنفاسنا المحترقة المعذبة مع أنفاس الجنة التى تحيطهم من كل جانب ....
ووضعت وجهى فى الأرض أبكى ذلا وخجلا وخضوعا ، وهربت من واقعى المرير لاجئا إليك يارب ...
إلهى الكريم ... الذى لا يرضى بالظلم ، وبطشه جبار وأخذه أليم شديد ...
واشتدت الأزمة لدرجة لا تصدقها العقول ، وامتلأت الأرض بالموتى غدرا وظلما ، وبلغ الجنون مبلغه وتقطعت أجساد وتقطعت معها قلوب كل من فقدوا أحبائهم ، وشرد الأطفال وانتهكت الأعراض وقتل الرجال .... ولا تجف دموعنا أبدا ...
ولا أسمع الآن إلا آنات المعذبين الذين لا تهدأ جراحهم أبدا ...
ووقفت صارخا للمرة الثانية : أين أنت يا مسلمون ؟! ...
ولكن لم يجبنى أحد وأيقنت أننى فى صحراء ليس فيها إلا جثث ومسلمون انتبهوا لأشياء أخرى غير نصرى ...
لا ... فالمجد والنصر لإخوانى فى سوريا ...
يارب ... إن البلاء العظيم قد حل عليهم ...
يارب ... لقد اتخذت منهم شهداء ورفعت إلى سماءك من أردت رفعه ...
يارب ... لقد تعذبنا عذابا لا نستطيع وصفه ولا يعلم مبلغه إلا أنت ...
فأنت الذى ستنصرنا وتنجينا من الكرب ، فهاهم عبادك الكرماء يجاهدون فى سبيلك آملين فيك أن تنصرهم وما النصر إلا من عندك .
وسجدت سجدة وضعت فيها كل عذابى ودموعى وكل آمالى فيك يارب ، ومددت إليك يدى لتنقذنى ...
سوريا ... يا بلد الشهداء ، لا تيأسى فإن لك رب كريم رءوف بعباده حتى وإن فقد عباده الآخرين السمع .
وفجأة سمعت أصواتا جميلة ... ونور شديد يشق الظلام ...
إنهم المجاهدين فى سبيل الله يقاومون ويقطعون رءوسا دبرت للخراب والظلم ...
وأصوات فرحة عالية تناطح السماء فى علوها وتخر لها الجبال وتهتز الأرض من تحتهم ، إنهم قادمون إليك أيها الطاغية وسوف لا يهزمهم اليوم أحد ، فالله قد قوى ظهورهم بنصره ، وتخلى عنك جنودك المجرمين ... وبقيت وحدك .
سوريا ... يا بلد عزيز صمد حتى النهاية ، يا بلد لم يبخل بدماء أبنائها ثمنا لحريتها وكرامتها ...
هكذا ينتصر الرجال ... وهكذا ينجى الله المؤمنون ، .... وهكذا هى نهاية الطاغية ...
وسمعت دقات قلبك الذليلة الخائفة كما سمعت دقات قلوب الخائفين يوما ...
لقد وعدت يارب بأن من يجاهد فى سبيلك ستهبه النصر أو الشهادة وقد أوفى ربى بعهده ...
فالحمد لله رب العالمين ...
فاطمة 18/7/2012

الخميس، 2 أغسطس 2012

تخاريف صيام


تخاريف صيام
فتحت عينى فى إعياء ... ووقفت على قدمى شاعرة بأن جسدى متهالك رغم أنى أخذت كفايتى من النوم ... ، ومرت دقائق بسيطة بعد غسل وجهى لأحدد ما سأبدأ به ... الغسيل .. الطبخ ... أم التنظيف ...
وبدأت بالغسيل حتى إذا ما انتهيت أتفرغ للطبخ ، أما التنظيف فهو فى علم الغيب حتى الآن .
ونظرت إلى الأكوام المتراكمة من الغسيل وتثاقل جسدى عن القيام بها ، ولكنى حمست نفسى - من دون حماس حقيقى - ووضعت أول فوج فى الغسالة ، أراهم أمامى يتحركون بسرعة متزاحمين معا فى حلة الغسالة ، وأتتنى خيالات سخيفة بأنهم يدعون على لسرعة اللفات عليهم ... ، فقلت لهم :
عجبا لكم ... أتحبون القذارة ؟! ... ، ستصبحون أكثر جمالا ونظافة ...
واستعذت بالله من خيالاتى تلك وتركتهم يأخذوا مصيرهم ، ، وتوجه تركيزى نحو الطبخ ... ماذا سأطبخ اليوم ؟ ...
فكرت فى فراخ مشوية بالتوابل ... لا ... لايوجد فراخ ، إننى متكاسلة عن النزول وشراء أى شىء ، إذن سأطبخ بسلة بالجزر مع اللحم .... لا ... إن زوجى لا يحب البسلة ، إذا سأبدأ فى سلق المكرونة لعمل مكرونة بالبشاميل ومعها قطع من الفراخ البانية ... آخ ... نسيت مجددا أنه لا توجد رائحة الفراخ فى البيت ، كما أنه لا يوجد لبن لعمل البشاميل ، فقررت أن أطبخ ما هو موجود ... وفقط .
وجاءت فى رأسى فكرة ... العجة ... لذيذة ... سهلة ... لا تحتاج لخطوات تحضيرية كثيرة ، فأحضرت أمامى البصل واعتدلت لأستعد ، وقطعت البصل بدمى ودمعى وآهاتى ، وتزايدت أنهار الدموع البائسة حينما .... تذكرت أنى نسيت شيئا ما يغلى على النار ... ولكنى لا أتذكر تحديدا ما هو ... ، فجريت بسرعة نحو المطبخ ... وصعقت من المفاجأة ....
الفرخة عى النار ... !! ، كيف ؟ .... ، وخرجت إلى الصالة ... وتأكدت أن باب الشقة مغلق جيدا ... ، إذا ... من أين أتت هذه الفرخة ؟ ، إننى أعلم جيدا أنه لا توجد أى فرخة فى المنزل ... ، وشعرت بالخبل ... ماذا سأفعل ؟ ... عجة ... أم سأطهو شيئا مع الفراخ ؟ ...
لا يهم مادامت النية موجودة والمبدأ الطيب ...
وتوجهت إلى الغسالة لأضع الفوج الثانى ، شعرت أن هذا الفوج له قلب أشجع من الذى قبله ، إنهم ينظرون إلى ويضحكون وكأنهم سعداء بالماء التى تهون علينا هذا الحر الفظيع ...
ورجعت إلى نية الطبخ ... ، ماذا سأفعل بالشوربة ؟ ... تبا لهذه الفرخة التى وضعتنى فى موضع حرج ، وفكرت سريعا وقررت ... سأطهو بسلة بالجزر وأرز ... نعم إن زوجى يحبها ، هذه بجانب العجة وأمرى إلى الله ...
وحضرت ثالث فوج من الغسيل ... شعرت أن الغسيل يتزايد لا ينقص ، وتجاهلت مشاعرهم هذه المرة ، وسألت نفسى ... كم الساعة حتى أستطيع القيام بكل ذلك قبل ميعاد الغداء ... ، إنها الحادية عشر والنصف ... ونظرت فى النتيجة لأرى ميعاد صلاة الظهر اليوم ، وهنا تفاجئت مفاجئة شديدة ....
إن اليوم هو الحادى عشر من رمضان ..... !!
كيف نسيت ؟! .... ، لابد وأن عقلى فى حالة متردية للغاية ...
قلت : الحمد لله ... هذا سيجعل لى وقتا طويلا قبل تحضير الطعام ، ولابد أن أحدد سريعا أنواع العصائر التى سأضعها بجانب العجة .
وبعد انتهاء أطنان الغسيل حمدت الله وفكرت ... أين مكان التمر ؟ ... ، وبحثت عنه فى كل مكان فلم أجده ، كما أنه لا يوجد أى نوع من العصائر الذى يمكن شربه بجانب الإفطار ...
ولكن ... لا يهم ... الإنسان هو الذى يصنع الظروف وليست الظروف هى التى تصنعه .
واقترب ميعاد المغرب وحضرت الإفطار كما عزمت منذ البداية ... كفتة بالأرز ... وتمر باللبن ، البيت نظيف ... كل شىء جاهز .. ولكن زوجى لم يرجع من العمل بعد .
وسمعت أذان المغرب ... فقلت : لا يهم سيرجه إلى البيت ويجد الطعام جاهز يمكنه تناوله فى أى وقت ، ولابد أن أكافىء نفسى بعد كل هذا التعب بالطعام ... وفقط .
فشربت أول رشفة من التمر باللبن ... فشعرت أن عقلى د رجه من سفر بعيد ، وبعد رجوع الدورة الدموية للسريان بنشاط مرة أخرى ... تذكرت شيئا هاما ... إننى لست متزوجة من الأساس .... !
وحدمت الله أن أذان المغرب قد رفع فى الوقت المناسب لأنه لو كان تأخر للحظة أطول من ذلك ... لرفض عقلى الرجوع من سفره الطويل إلى الأبد ، وصليت صلاة المغرب وبدأت فى تناول الطعام ... أطعم مكرونة بالبشاميل فى فمى ... لا حرم الله العالم من كل هذا التفوق فى الطبخ ...
29/7/2012





الأحد، 15 يوليو 2012


عيون الأبرياء
أعيش حالة من الحزن والخزى الشديد ... نفسى مختنقة ... صوتى خافت ... عقلى متوقف ... قلبى محبط ... ، كلماتى فى أوراقى غير متدفقة ... وأفكارى غير واضحة المعالم داخلى ...
إنه الإحساس الذى لا بد وأن تشعر به فى هذا العصر ، كم أتألم كثيرا لحال أهل سوريا وبورما ... وما حدث قبلها فى ليبيا ... وما قبلها فى غزة ... وما قبلها فى البوسنة ، إحساس كبير بالعار يملؤنى ... أشعر وكأنى غريبة فى قومى ... المسلمين والعرب ... ، تلك الأمة التى تحارب من كل مكان ومن مختلف الفئات ولا تحرك ساكنا ولا تواجه ...
الأمة التى اهتمت بغذاء بطونها قبل غذاء عقولها ، رضيت بأن تمحو ثقافتها وهويتها بأيديها واستبدلت بها هوية ممسوخة جزء مقتطع من هنا وهناك ، يستبدلون كلماتهم بالانجليزية والفرنسية وغيرها كى يعبروا عن ثقافتهم العالية ، وينظرون إلى الماهر بالقرآن واللغة العربية - وهم قلة - وكأنه شخص جاهل يعيش فى العصور الجاهلية .
آه من أمة توقفت عند نقطة معينة فى التاريخ ثم تركت نفسها لأى شىء يحركها وينزل بها إلى الحضيض ...
آه من أمة سلكت طرق الظلام عن عمد فارضين على أنفسهم الولاء والطاعة لأعدائهم ...
آه من أمة فيها آلاف وآلاف المآذن ترفع كل يوم كلمة : الله أكبر ، ولا يقام فيها المعنى الحقيقى للإسلام إلا قليلا ...
آه من أمة رأت أمام عينيها قتل أطفالها واغتصاب نسائها وذبح شبابها والتنكيل بشيوخها ولم يزدها ذلك إلا سكونا ...
آه من أمة رأت حريق أقصاها والاستهانة بكتابها والهجوم على إسلامها فرضخت وهانت ...
آه من أمة غير أمينة على القدس وعلى حمل راية الإسلام من بعد أشرف من خطا بقدميه على الأرض ...
عذاب شديد وتفكير قاسى عاصر لقلبى يملؤنى فى كل جزء من كيانى ... ، أتحدث إليهم ... أرى أحوالهم ... أراقبهم من قريب وبعيد ... ، ولا أجد شيئا يجعلنى غير أن أتوقف وأبكى بغزارة ... بل وأصرخ .
قرأت من قبل كلمات أعجبتنى عن حال مسلمى هذا العصر فى إحدى الصحف بأنهم تجار فاشلون يملكون بضاعة جيدة ، فما يفعل هذا التاجر الخائب إلا أنه يبدد تجارته ويخسر وقد كان يستطيع أن يكون أغنى الأغنياء .
فهل يختلف عنا الآخرون فى شىء ؟! ... ، لنا عقول وقلوب ومواهب مثلهم ، لنا أرض وتاريخ نتعلم منه ، ولا يوجد أقيم من دروس التاريخ لنتعلم منها ... ذلك المعلم الذى وضعه الله أمامنا حتى نعتبر ويصرخ فى آذاننا كل يوم حتى نفيق ... ولكننا لا نفيق ، بل نأخذه زهوا أمام غيرنا افتخارا بأجدادنا ووالله لو بعثوا وخرجوا من القبور لتبرأوا منا .
هل أصبحنا جميعا بلا آذان حتى لا نسمع صرخات المسلمين الذين يقتلون ويشردون ويفعل بهم ما تعجز كل لغات العالم عن وصفه من بشاعات وقذارة ؟!!
فأين النخوة ؟!! ...
هل نزعت من قلوبكم فجأة حتى تقتلوا كل ما تبقى لديكم من كرامة بصمتكم هذا ؟ ....
فإذا غضب الله على قوم نزع من قلوبهم النخوة وأحنى رؤسهم لأعدائهم ، وما نزعت النخوة ولا أهينت آدميتنا إلا بأفعالنا وتركنا لأخلاق ديننا العظيم .
فكيف تسمح لنفسك أيها المسلم أن تأكل فى مأدبة ضخمة وترمى ما لا تستطيع معدتك الممتلئة بالسماح بدخوله إلى جوفك ؟ ... ، وأطفال الصومال يموتون جوعا وأجسامهم مرسوم فيها الفقر والجوع يشربون ماء ملوثا ، صائمون رغما عنهم وجف فى أثداء أمهاتهم اللبن ، كل ما يتمناه المرء الذى أشرف على الهلاك جوعا أو عطشا هو رغيف خبز صغير وقطرة ماء تروى عروقه المنتحبة ... ، وقد أكلت أنت أضعافه دون أن تشعر به !! ...
وكيف تسمح لنفسك أن تنام قرير العين وأقصانا ينتهك من السفلة والمجرمين من اليهود ؟! ... ، والذين بخضوعك وصمتك أصبحوا سادة العالم وأفشوا الفساد فى كل شىء .
كيف لا تغار وتغضب عندما تعرف أن هناك نساء فى مكان ما يشهدن ألا إله إلا الله ويغتصبن ويفعل بهن ما لا ترضاه لأمك أو أختك أو زوجتك أو ابنتك ؟!! ... ويشردن ولا يجدن مأوى لهن ، حتى الحيوان الذى يعيش بفطرته دون حضارة يغار على أنثاه ويشمئز من تلك الأفعال البشعة .
ولقد ضاعت من كثير من مسلمى هذا العصر أخلاق إنسانية إلا من رحم ربى ...
فلا ألوم مجرما دخل بسلاح إلى بيتى قبل أن ألوم رجال البيت أن سمحوا له بالدخول إليه والمعيشة فيه ... ، بل وخدمت مصالحه فى بيتك وجعلت نساءك يخدمنه ويقدمن له ما يملأ ثلاجتك ليل نهار .
وتركت المجرم يعتبر نفسه أبا لأولادك يأمرهم وينهاهم فيطيعون ... ، ينظرون إليك نظرة متسائلة فترد عليهم بإشارة أن افعلوا ما يقول ! ...
ولو ركزت للحظة فى جسد هذا المعتدى لوجدته قزما ضعيفا غبيا قاسيا مريضا بكل الأمراض ... ، مسخا بين التقدم والتأخر ... بين الإنسانية والحيوانية ، وإذا نظرت لنفسك فى المرآه لوجدت فيك الملامح العربية الأصيلة الجميلة التى طالما أرهبت هذا المسخ عبر السنين والعصور ، ولكن هذه الملامح لم ترقى إلى قلبك لتجعلك ناجحا فائزا فى هذه المعركة .
قلبى ينزف ألما ودما وحسرة على سوريا ... ذلك البلد الجميل الذى حوله الطغيان إلى خراب كبير يدمع عيون الناظرين ويؤلم بشدة آلام السامعين ...
وكم هو الخزى الذى لحق بنا بعد عدم اتخاذنا قرارا سريعا بشأن ما حدث فى غزة ، وآه مما حدث فى الصومال وقد نهشها الجوع والجفاف ...
آه كلمة بسيطة لا تعبر عن بشاعة ما يحدث ، ولكن لا يوجد شىء أبشع من صمتنا هذا وعدم غيرتنا على المسجد الأقصى ، ويزيد العذاب والحسرة داخلى حينما أراكم تبكون لأجل مسلسل سخيف أو فيلم تفرق فيه المحبين ، فالأولى بكم أن تبكوا على مافارقكم من كرامة وقوة وحضارة ضاعت بين السنين بأيديكم لا بقوة عدوكم ولم يتبق منها إلا أقل القليل ، وما أصبح العدو قويا إلا بعدما تركت أيها المسلم هذا القزم ينمو داخلك ويصبح المتحكم فيك .
وتنفقون أموالكم فى التافه بعدما انتشرت لديكم ثقافة الشراء والاستهلاك بغير سبب ، هذا المرض الذى أصاب العالم وغذى الشركات الكبرى والتى أصحابها هم فى أساسا من اليهود الأغنياء ، وصفقت لراقصة عاهرة بيديك ولم تصفق لعالم عربى معاصر أراد أن يحيى أمجاد الماضى السحيق ، ولم تشجع طفلا عبقريا دفن تميزه ونبوغه بيديك وانصرافك عنه .
هذا جزء من عذابى الداخلى ... ، ولقد توقفت الكلمات الآن فى عقلى مرة أخرى ... وجف قلمى ، وتوارت المشاعر فى أعماقى ثانية ... ولكنها لا تموت ... ، لقد توقف كل شىء عن الوصف ولم يعد للكلام أى معنى ، ولم يتبق فى أفكارى إلا صورا مكررة تزيد ألمى ...
صورة لغنى متورم باللحم بخيل عن دفع الزكاة ويدفع الصدقات رئاء الناس ، وصورة شاب لديه أحلام وأفكار جديدة يجد بين خطوات تنفيذها على الواقع ألف مانع ومانع ، وصورة طفل يبكى فى أماكن مختلفة من بلاد المسلمين بعدما خدشت برائته بالواقع المرير ، وصورة لفتاة تأخر عنها الزواج فأصبحت عصبية مكتئبة وحلم الأمومة يبتعد عنها يوما بعد يوم ... ، وصورة فقير معدوم ينتظر المعونة من دول الأعداء وقد طغى ذل المعونة على ذل الحاجة ....
آه ... ثم آه ... كم أريد أن أحرق هذا الألبوم اللعين ...
فلتبقوا كذلك وسيظل الله غاضب ، وسيظل كأس المهانة نتجرعه ليل نهار إذا أردتم الاستمرار فى هذا الطريق ، ولتناموا آمنين بعدما رأيتم عيون الأبرياء الخائفة وقد ضاعت منها جمال ورقة وبراءة الطفولة النقية ، وتحولت إلى عيون حزينة ... ضعيفة ... متألمة صارخة بسؤال واحد :
أين أنتم يا مسلمون ؟!! ...
وبعدما رأيت اللافتة التى رفعها السوريون قائلة :
أكثر من مليار مسلم خذلنا ...
فلتناموا كثيرا ولتهنأوا بيوم سعيد لكم من البرود والسكون ولتنسوا غدا ممتلىء بالكثير من العمل لتخرجوا مما أنتم فيه ...
ولتهنأوا بنوم طغى على موقعكم بين الدول والحقيقة الكبرى ... فشكرا لكم ...
فاطمة على ماضى
4/2012


الثلاثاء، 10 يوليو 2012


تصرفات مجنونة
أحيانا أنسى نفسى ... بل أنسى كل شىء والمكان الذى أتواجد فيه وأغيب عن الواقع .... ، وأرى نفسى أفعل تصرفات مجنونة ...
هل جربت هذا الإحساس مثلى .... ؟ ، هل ستخجل أن تقول نعم ؟ ... ، أم أنك لا تعرف أى تصرفات أقصد ؟ ...
هل راودك إحساس غريب وملح أن تفتح النافذة بسرعة وتطير منها ... لا لتنتحر ولكن لتطير بالفعل ؟!! ....
أو شعرت أنك تريد المشى على يديك فى الشارع غير عابىء بأنظار المذهولين أو الضاحكين حولك ؟!! ....
هل تخليت نفسك تسبح فى مياه راكدة فى بحيرة وسط غابة استوائية ثم ظهر أمام عينيك فجأة تمساح ضخم ... فترى على وجهك أمارات الفزع ويتوقف قبك من الخوف ؟!! ...
هل رأيت نفسك أخف وزنا كثيرا وسبحت فى عالم من موسيقى حالمة رقيقة وتراقص جسدك على أنغامها العذبة ؟ ...
إنها أحاسيس باطنة تمر على عين الإنسان مرور الكرام ، قد يشعر بها ملحة وواضحة ... وقد يشعر بوجودها أو يتجاهلها عن قصد ...
إنها الطفل الجرىء الذى داخل كل إنسان منا ... ، يريد أن يلعب ويمرح ويطير راميا وراءه كل تفكير فى العواقب ، إنها كالنيران المشتعلة داخل الأرض وعليها القشرة الثابتة مبنى عليها القرى والمدن فى سكون عجيب ، ولكنها قشرة ضعيفة قد تظهر إذا لم تكبتها ...
ولكن ... لم تكبحها ؟ .... ، أهى وساوس شيطانية أم دعوى من نفسك لتتخلص من قيود اليوم الروتينية والعادات السخيفة المملة التى تحولك إلى آلة دوراة لا حياة فيها ...
فمن منا لم تدور بذهنه هذه الأفكار ؟ ....
سأبدأ بالاعتراف أنى تخيلت نفسى أنى أفتح باب الطائرة وأخرج منها لأطير وأمارس تلك الرياضة المخيفة التى يفعلها الآخرون فى البلاد الغربية ....
ورأيت نفسى أغلق المصباح وأجلس فى الظلام فإذا بى أرى جنيا يرعبنى منظره ولا أعرف ماذا سيحدث بعدها ...
إنها نفسى هى التى تتكلم فى كل تصرف من هذه التصرفات ... وتأمرنى أحيانا وتخضع أحيانا أخرى ... ، ولكنى لم أنفذ أى طلب منها فى أى مرة ، ولو أنى فعلت لكنت ميتة الآن أو كنت نزيلة فى مستشفى العقلاء !!
فلماذا تخجل من الاعتراف أنه أحيانا تسيطر عليك أفكارا لا يفصل بينك وبين حدوثها بالفعل إلا جدارا رفيعا واهيا تحاول تقويته بصبرك على رغبتك هذه ؟ ... ، ودعنا نفكر سويا ... إنها نفسك التى تأمرك فإذا أمرتك بالسوء وليس بأفعال طفولية كالتى أتحدث عنها ... ، وكان رد فعلك حينها أنك هدمت سطوتها عليك وملكت زمام نفسك ... أليس يعتبر ذلك عقلا وحكمة ؟ ... ، وإذا كنت فعلت ذلك مخافة ومرضاة الله ... أليس هذا إيمانا ؟ ... ، فما أعجب هذه الطرق التى تؤدى إلى بعضها البعض ؟ ....
وإذا حددت عنها قدر أنملة تحكمت فيك عواطفك وهواجسك ، ولأجل هذا وضع الله أمامنا المنهيات وترك لنفوسنا الاختيار ... أنخضع لنكن عبيدا لظلام نفوسنا أم نعلو عليها لنصبح أكثر نورا وإيمانا .... ؟
وإذا عدنا للتصرفات الطفولية المجنونة مقارنة بها ... ، ألم تتمنى يوما أن ترتد طفلا حتى تركب الدراجة مرة أخرى وتتخلص من مسئوليات قد اعتلت ظهرك بعدما أصبحت رجلا ؟
هذا هو الطفل فينا ... نتخيل أنه قد نضج بمرور السنين ولكنه مازال صامتا فى الظلام منتظرا موقفا قد يجعله يظهر إذا سمحت له .
وعلى الرغم من ذلك فإنى لا أفهم حتى الآن ما سيكون سر سعادتى إذا فتحت النافذة وقفزت منها ... ؟ ، أهو حب المخاطرة أم مواجهة الخوف ؟ ... ، أم أن الممنوع مرغوب ؟ ، فما يمنع الإنسان إلا عقله الذى يملى عليه أن الصواب دائما هو أن يفعل مثلما يفعل الناس ويتكلم مثلما يتكلم الناس ... ، بل إنه يأمره ليفكر مثلهم وكأنه مجرد نسخة مشابهة لا طابع فيها روح ولا لون .
لا ... ليس عقلك بل الدائرة المملة التى وضعت نفسك فيها هى التى تجبرك على ذلك ، فلتفعل ما تراه صحيحا دون أن تؤذى أحد ، ولتبدى رأيك ولا يهمك أن يقول أحد أنك مجنون لمجرد أنه لا يفهمك ... فخير لك أن تكون مجنونا فى أعينهم من أن تصبح نسخة مكررة .
وليتسع صدرك إلى كل الأفكار حتى الغريب منها والأشياء التى لا يستطيع عقلك تخيلها واستيعابها للوهلة الأولى ، فمعظم العالم المتطور والأجهزة الحديثة التى حولك بدأت بفكرة مجنونة لم يستطع الناس تخيلها فى البداية ، وهذا هو فضل الطفل بداخلنا ... ، إنه يشطح بعيدا شطحات واسعة من الخيال ... يتعجب ولا يعتاد أبدا ... ، يحاول التفكير ويتساءل ... ويبحث ثم يفسر فيخطىء وأحيانا يستمر فى المحاولة فيصيب ، فلولاه ما كان هناك شعراء ولا أدباء ولا علماء ولا مخترعين أفادونا بعلمهم وأفكارهم التى كانت فى منتهى الغرابة فى بدايتها .
ولا تحتقر المجنون الفاقد لعقله ... فإذا تأملت نفسك جيدا ستجد أن الفارق بينكما شعرة رفيعة لا تستطيع الإمساك بها أو حتى تحديدها ...
هل فهمت ما أريد قوله ؟ ... ، هل ستخرج نفسك من القالب المزيف الذى وضعه عليك تكرار المواقف وعادات الحياة ؟ ... ، هل ستخاطر وتواجه الخوف وتكبح الخطأ داخلك وتعطى للصواب مساحة حتى لو اعترض عليه غيرك ولم يفهمه ؟
هل ستفتح النافذة وستطير منها أم ستقلب الصفحة وتقرأ مقالا آخر ؟ ....
4\ 2012





يتبع



الاثنين، 2 يوليو 2012


مدونة الجانب الآخر
أريد التحدث على الجانب الآخر من كل شىء ... ، الجانب المظلم الغير مرئى أو الذى نتجاهله دائما ، أريد التحدث عن أفكار غريبة أحاسيس مجنونة ...
أريد التحدث عما يدور داخلى ، الجانب الآخر من العالم الذى لا نشعر به ... الآخرون الذين لا نسمعهم ، الأشياء الغريبة والتى لا نلتفت إليها ... 

السبت، 30 يونيو 2012

هل تحب مصر ؟


هل تحب مصر ؟ِ
سؤال يتم طرحه كثيرا ونرد عليه فى كل مرة بكل حماسة بأفواهنا قبل عقولنا .... : بالطبع بكل كيانى .... ومستعد أن أموت من أجلها ...
سؤال رائع وإجابة أكثر روعة ... ، ولكن هلا توقفنا قليلا عند معنى السؤال .... ، هلا انتظرنا قبل أن نجيب .... ، هلا نظرنا إلى أفعالنا لنتأملها حتى نتأكد ما إذا كانت صادقة أو منافية لما نقول ...
إننا نعشق الكلام .... بشدة ، ولو قمنا باستغلال ربع الوقت الذى نتكلم فيه فى العمل لكان حالنا أفضل كثيرا ...
فهل - على سبيل المثال - الموظف المرتشى يحب مصر ؟
ولا تسارع بألسنتنا - كالعادة - لنتبرأ منه ونتهمه بأنه من فلول النظام السابق ، أو نلتمس له الأعذار لارتفاع الأسعار وضيق المعيشة ...
وهل من يتبول فى الشارع ويسبب منظرا بشعا أمام الأجانب الذين يزرورن بلادنا يحب مصر ؟
هل من يلقى بالقمامة وهو يمشى متلذذا بشىء يأكله ثم يرمى غلافه بدون مبالاه يحب مصر ؟
هل من يتحرش بالفتيات وخاصة من يتحرش بالأجنبيات يحب مصر ؟
ولا تلتمسوا له العذر أيضا للكبت وارتفاع سن الزواج فلا أحد يرضى بذلك لأهل بيته ، كما لا يلقى أحد باللوم دائما على الفتاة فليس كل الفتيات والسيدات تلبس الملابس التى تدفع لذلك ...
وهل المزارع الذى يعمل على خنق أراضينا الطيبة بالمبيدات الكيماوية بلا حساب ليقتل الآفة ومعها المحصول وأكباد المصريين .... هل هو أيضا ممن يحبون مصر ؟!!
وهل نعتبر من يراقب عليه ولا يهتم بهذه الفعلة ممن يحبون مصر أيضا ؟!!
وما رأيكم بمدى وطنية ربة المنزل التى تشترى بكميات كبيرة وتستهلك وتملأ الطاولة بمنزلها ثم تلقى بنصف الطعام فى القمامة بعدما أهلك كل من فى الأسرة معدته .... ؟ ، ولا تساعد الكثيرين فى مصر ممن نراهم ينامون فى الشارع ويبحثون عما يمكن أن يؤكل فى القمامة ؟
وما موقف الرجل الذى يقف فى الشارع يلقى بالألفاظ البذيئة على مسامعنا وأطفالنا باستهتار .... ، وما أكثرهم هذه الأيام ؟!
ومن يهجم على وسائل المواصلات غير عابىء بالشيخ الذى قد يضره هذا أو الاحتكاك بفتاة أو التخبط بمريض ؟
ومن يزيد سعر ما يبيعه فى بقالته مستغلا احتياج البسطاء للسلع ، وحكوماتنا المجيدة تعطيه فرصة لذلك بعدم رقابتها على أى شىء ؟ .... ، بل وتشعر أيضا أنه يتمنى أن يقفز إلى جيبك ليأخذ كل ما فيه ...
هل فكرتم بمدى وطنية الممثل أو الممثلة الذين يقومون بمشهد مفسد لأخلاق الناس ويثير غرائزهم ويخدش حياء الأطفال ويطلقون عليه أنه فن بحجة حرية الإبداع ؟ ، وينسون أن الفن الحقيقى إحساس راقى يعلو بفكر ووجدان الناس ولا يحط من أخلاقهم أبدا ....
ومن يستحم فى النيل هو وحيواناته بما فيهم من أمراض وميكروبات تتحملها المياه وتنقلها إلينا ؟
والرجل الذى درس الدين وفهم كثيرا مما لا يفهمه الناس وأصبح عالما .... ، ثم باع دينه وأفتى على هواه وألبس الحق بالباطل ؟ ...
والمدرس الذى يقهر الطلبة ويقلل من شأنهم لأنهم لم يطلبوا أن ينضموا لدروسه الخصوصية ، وكل من لا يعطى فرصة للمواهب أن تظهر لكى تنمو وتستفيد منها مصر فيما بعد خاصة المواهب العلمية والتى نحن فى أشد الحاجة إليها اليوم .
وماذا عن النصاب الثرى الذى يعامل معاملة الملوك فى السجن ؟! ، أما من يرتكب جريمة أقل منه يعامل كالعبيد لأنه فقير ؟ ..... ، فماذا عن وطنية كل من هو مسئول عن هذا الفرق فى المعاملة ؟
إنها مجرد أمثلة وليس كل شىء ... ، فكم نحب الكلام والحماسة لأن الكلام لا يكلف أحدا ..... ، فمن أراد إثبات وطنيته فليتحدث ... هذا هو الحال فى مصر ، وسوف لا يحاسبك على أفعالك أحد .
لقد نسوا هؤلاء وغيرهم الكثيرين أن الوطنية فعل وحياة واتجاه ونظرة جديدة للحياة ...
نسوا أن كل تصرف سىء تفعله تسىء لبلدك وتشدها للخلف ...
ولقد كلفنا الكلام الكثير فى الحقيقة ، فلا يصح أن نقول للعروس كم أنت جميلة ورائعة وفى أبهى صورتك ... ثم نلقى على ردائها الأبيض بالقمامة أو نشد شعرها ونقطع ثوبها .... ثم نقر بكل بساطة وبإصرار أننا مازلنا نحبها ...
فالمرحلة السابقة تكلمنا فيها بما فيه الكفاية حتى أنه لم يعد أى كلام ليقال .... ولم يبق لدينا إلا الأسف ...
فمن يحب مصر يجب أن يعمل على رفعتها وإعلاء بنائها ويصونها ويحميها ...
وما أذل وأخر مصر عن ركب الحضارة بسنوات إلا تصرفاتنا وليس النظام السابق فقط ، بل ساعدناه على إعطاء صورة سيئة لنا أمام العالم ، ونرمى كل اللوم على غيرنا دائما وعلى الظروف والإمكانيات ، ولكن مصر لها جوانب كثيرة جميلة ورائعة ، ومواردها والمشاريع التى يمكن أن تنفذ فيها كثيرة جدا ... ، كما أنها مليئة بالأماكن السياحية والأرض الخصبة النافعة للزراعة والأفكار البناءة والمواهب الشابة .... ، وكل ذلك دفناه بإيدينا ...
فإذا اعتبرنا مصر حقا أمانة فسنتق الله فيها ولا نفعل أى فعل يضرها وسنحافظ على الأمانة ، كما أن دماء من ماتوا من أجل حريتنا هى أيضا أمانة ، فلابد ألا نضيع دمائهم هدرا وأن نثور على أنفسنا ونصلحها قبل أن نثور على نظام أو فئة فاسدة ...
فما ارتفعت هذه الفئة على أكتافنا إلا بعدما قمنا نحن برفعها وما ساء النظام إلا بتصرفاتنا غير المتحضرة هذه ، فنحن من صنعنا الفرعون الذى قتلنا بضعفنا ، ولا أنكر أن هناك بعض الناس الذين لهم أفواه من ذهب لا تقول غير الحق وواجهت الظلم ، ولكننا لم ندافع عنهم عندما سقطوا فى أيدى الظلمة ولم نقف إلى جانبهم فى الحق ، ونصرنا الظالم على المظلوم بترديد هذه الجملة السخيفة : ( وانا مالى ورايا عيال عايز أربيهم ، هو احنا قد الناس دى ) ، وبسبب ذلك استهان النظام بالرأى العام وفعل كل ما فعل .
فالإنسان المتحضر لا يستطيع أى نظام العلو فوقه ويحترمه ويقدر رأيه لأنه صاحب رأى وفهم يناقش وعيون تراقب وقلب يخاف على بلده ، فمن المثير للحسرة أن نبدأ ثورة نقية شريفة ثم لا نكمل المشوار الذى بدأناه .... بالعمل والكفاح ....
2012


الجمعة، 29 يونيو 2012

العدو الصامت


العدو الصامت 
أراه واقفا أمامى .... عينان شريرتان تنظران لى فى الظلام .... ، شرارتهما تبعثان فى نفسى الرعب ، إنه العدو الصامت الذى يفتت جزءا منى دون حركة منه ... دون صراع ، فهو يأمر فقط ... فبالأمر يلبى جسدى كله أمره حتى أهزم وأنكسر .
آلام شديدة جسدية ونفسية تضغط على ، كيف أستسلم لهذا العدو الذى يكممنى ويكبلنى ويخنقنى دون أن يملك أيدى ؟ ، إننى أحاول أن أصارعه .... أن أسيطر عليه .... أن أقنع نفسى بأننى فى حالة جيدة وأنه لن يقدر أبدا على الانتصار ، ولكننى أحيانا أتراجع .... وافكر من جديد .... ، هل هذه هى الحقيقة أم أنه تمكن منى ؟ .... ، هل الجولات انتهت بفوزه ؟ .... ، إننى فى حيرة من أمرى ، ألقى فى عيون كل من حولى الشفقة والتأكيد بأنه المنتصر ... وأننى الخاسر .... ، ولكن ....
لا .... سأهزمه .... هذه ليست آخر جولة .... ، إنه شىء .... وأنا انسان أفكر ، سأدخل الحرب وأنا لا أعرف كيف البداية ... ولا كيف ستكون النهاية ولا حتى كيف يدور أو يدار الصراع ، ولكن كل ما أعرفه أننى سأدخل الحرب لا محالة .... ولا أحب أن أخرج منها مهزوما ....
إنه فى جسدى ... يسيطر على أعضائه ... يبتسم فى هدوء وخبث ، وتتألم نفسى بشدة لزحفه ، ولكن ركن بعيد فى قلبى يخبرنى أننى أقوى منه وأن مرحلة قوته ما هى إلا فترة قصيرة فى عمر قوتى ... ، لقد دخل العدو مملكتى على ضعف منى وعدم استعداد لخبر وصوله .... ، وما أخرنى عن النصر عليه هو طول فترة ذهولى من وصوله عندى ولم أتحرك للخطوة التى تليها ....
لا .... سأشفى يإذن الله ... سأكن الأفضل ... سأكن البطل الذى هزم هذا المرض الخبيث ....
إنه المرض الذى يمكن قتله بالصبر والإيمان .... وأنا الانسان المؤمن الذى لا يستطيع قتله أحد حتى لو تم اغتياله ، فكم من المرضى قتلهم المرض قبل سقوط القلب وتوقف العقل ... وكم منهم هزم بالاستسلام ، ولكن حربى معه المتحكم فيها فارس نبيل يبتسم فى عزة وثقة ، وحتى إذا انهزم ....فكفاه أنه قاتل بحزم وعزم شديدين ، وكفاه أنه لم يخضع وثار ولم يركن للضعف .
إنه العدو الذى لا يرتاح بهزيمتك أو بقتلك ... لا ، فهو يسعد إذا اانهارت دموعك خوفا منه .... ولسوف لا أعطيك أبدا هذه السعادة .... ، ولا هى سنوات المرض فى هذا الفراش بالتى تجعلك تغتر بأنك الأقوى ، فطول فترة المرض ما زادتنى إلا قوة وقدرة على تحمل المواجهة .... واعتيادى منك الشراسة وتوقعى اكتشاف أدواتى الداخلية على أن أكن أشرس منك ، وطول فترة المرض لا تنذر لإلا باقتراب النهاية ... وأن المنحنى سيهبط لا محالة .
وسيأتى يوما لإحفادى وأحفاد أحفادى يكون هذا المرض مجرد مرض قديم ، يذكر اسمه فى تاريخ الطب ... ، أو أنه سيكون له دواء وسلاح جديد معالج وفعال ، وسلاح الصبر والإيمان والثقة بالله هم الأقوى فى كل زمان .
وحتى إذا ظهرت أمراض جديدة أشد فتكا -وهذه سنة الحياة - .... ، فسيظهر أيضا فرسان مثلى مجاهدون يبتسمون فى وجه الإعصار ... فلا يستطيع أن يمحو ابتسامتهم مهما بلغت قوته ....
4/2012
( مهداة لكل من واجه مرض عضال مرير أعجزه عن الحركة والابتسام )

بقلمى : فاطمة على ماضى