السبت، 4 أغسطس 2012

آلام سوريا


آلام سوريا
حبست أنفاسى بسرعة فى قلق بالغ وخوف ... إنهم يقتربون ، نعم ... هذه هى خطواتهم ، وتسارعت دقات قلبى ونظرت إلى أهلى ... وعينى طفلى المرتعب ...
ودخلوا بيتى وكانت الكارثة ...
نظرت إليهم ... وجوههم ثابتة لا تتحرك عليها التعابير ، وعينى طفلى تحكى عن براءة اغتصبت وانتهكت من المجرمين ... وأجسادهم مستسلمة للموت .
وصرخت بكل قوتى ... : لماذا ؟! ... لماذا لم يقتلوننى معهم ؟! ... ، لماذا تركونى وسط كل هذه الجثث أتجرع الحسرة والألم والعذاب لفراقهم ؟ ...
هؤلاء هم أعوان الطاغية يقتلون ويقطعون وينهبون ويسرقون ...
يقتلون قلوبنا حزنا على أطفالنا الصغار الذين ماتوا لأجل ذنب لم يرتكبوه ...
يقطعون أحبال صوتنا من الصراخ لما نشعر به من شدة وكرب ...
ينهبون أحلامنا ببناء بيوتنا ودولتنا من جديد ...
يسرقون كرامتنا وآدميتنا ويدوسون على وجوهنا كالعبيد ...
لا ... قلتها ورددتها حتى بح صوتى ، كررتها طويلا بإصرار حتى ولو لم يسمعنى أحد ... فكفى على أن سمعنى رب العالمين .
                                                          يا طاغية ... أنت ضعيف مشتت موهوم مريض ....
فحتى لو دمر الاحتلال بيتى الصغير فلن يهدم قصور العزة داخلى ...
ودار فى قلبى سؤال مجنون : لماذا ؟! ... أمن يقول الحق ويرفض الظلم يجب أن يقتل فى هذا العالم الفاسد ؟
أم كل هذا البلاء الذى يعم بلاد المسلمين كان جزاء سكوتنا يوما عن إخواننا فى البوسنة ومن بعدها غزة ؟!
أم هذه الأيام الشديدة خرجت فى وقتها لتكتب بدمائنا فى التاريخ قصة شعب قتيل وطاغية ملعون وأمة نائمة ؟!
وطاش عقلى وهم يضعون أجساد الصغار الميتة بجانب بعضها وقد اختلطت أنفاسنا المحترقة المعذبة مع أنفاس الجنة التى تحيطهم من كل جانب ....
ووضعت وجهى فى الأرض أبكى ذلا وخجلا وخضوعا ، وهربت من واقعى المرير لاجئا إليك يارب ...
إلهى الكريم ... الذى لا يرضى بالظلم ، وبطشه جبار وأخذه أليم شديد ...
واشتدت الأزمة لدرجة لا تصدقها العقول ، وامتلأت الأرض بالموتى غدرا وظلما ، وبلغ الجنون مبلغه وتقطعت أجساد وتقطعت معها قلوب كل من فقدوا أحبائهم ، وشرد الأطفال وانتهكت الأعراض وقتل الرجال .... ولا تجف دموعنا أبدا ...
ولا أسمع الآن إلا آنات المعذبين الذين لا تهدأ جراحهم أبدا ...
ووقفت صارخا للمرة الثانية : أين أنت يا مسلمون ؟! ...
ولكن لم يجبنى أحد وأيقنت أننى فى صحراء ليس فيها إلا جثث ومسلمون انتبهوا لأشياء أخرى غير نصرى ...
لا ... فالمجد والنصر لإخوانى فى سوريا ...
يارب ... إن البلاء العظيم قد حل عليهم ...
يارب ... لقد اتخذت منهم شهداء ورفعت إلى سماءك من أردت رفعه ...
يارب ... لقد تعذبنا عذابا لا نستطيع وصفه ولا يعلم مبلغه إلا أنت ...
فأنت الذى ستنصرنا وتنجينا من الكرب ، فهاهم عبادك الكرماء يجاهدون فى سبيلك آملين فيك أن تنصرهم وما النصر إلا من عندك .
وسجدت سجدة وضعت فيها كل عذابى ودموعى وكل آمالى فيك يارب ، ومددت إليك يدى لتنقذنى ...
سوريا ... يا بلد الشهداء ، لا تيأسى فإن لك رب كريم رءوف بعباده حتى وإن فقد عباده الآخرين السمع .
وفجأة سمعت أصواتا جميلة ... ونور شديد يشق الظلام ...
إنهم المجاهدين فى سبيل الله يقاومون ويقطعون رءوسا دبرت للخراب والظلم ...
وأصوات فرحة عالية تناطح السماء فى علوها وتخر لها الجبال وتهتز الأرض من تحتهم ، إنهم قادمون إليك أيها الطاغية وسوف لا يهزمهم اليوم أحد ، فالله قد قوى ظهورهم بنصره ، وتخلى عنك جنودك المجرمين ... وبقيت وحدك .
سوريا ... يا بلد عزيز صمد حتى النهاية ، يا بلد لم يبخل بدماء أبنائها ثمنا لحريتها وكرامتها ...
هكذا ينتصر الرجال ... وهكذا ينجى الله المؤمنون ، .... وهكذا هى نهاية الطاغية ...
وسمعت دقات قلبك الذليلة الخائفة كما سمعت دقات قلوب الخائفين يوما ...
لقد وعدت يارب بأن من يجاهد فى سبيلك ستهبه النصر أو الشهادة وقد أوفى ربى بعهده ...
فالحمد لله رب العالمين ...
فاطمة 18/7/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق