تخاريف صيام
فتحت عينى فى إعياء ... ووقفت على قدمى شاعرة
بأن جسدى متهالك رغم أنى أخذت كفايتى من النوم ... ، ومرت دقائق بسيطة بعد غسل
وجهى لأحدد ما سأبدأ به ... الغسيل .. الطبخ ... أم التنظيف ...
وبدأت بالغسيل حتى إذا ما انتهيت أتفرغ للطبخ
، أما التنظيف فهو فى علم الغيب حتى الآن .
ونظرت إلى الأكوام المتراكمة من الغسيل
وتثاقل جسدى عن القيام بها ، ولكنى حمست نفسى - من دون حماس حقيقى - ووضعت أول فوج
فى الغسالة ، أراهم أمامى يتحركون بسرعة متزاحمين معا فى حلة الغسالة ، وأتتنى
خيالات سخيفة بأنهم يدعون على لسرعة اللفات عليهم ... ، فقلت لهم :
عجبا لكم ... أتحبون القذارة ؟! ... ،
ستصبحون أكثر جمالا ونظافة ...
واستعذت بالله من خيالاتى تلك وتركتهم يأخذوا
مصيرهم ، ، وتوجه تركيزى نحو الطبخ ... ماذا سأطبخ اليوم ؟ ...
فكرت فى فراخ مشوية بالتوابل ... لا ...
لايوجد فراخ ، إننى متكاسلة عن النزول وشراء أى شىء ، إذن سأطبخ بسلة بالجزر مع
اللحم .... لا ... إن زوجى لا يحب البسلة ، إذا سأبدأ فى سلق المكرونة لعمل مكرونة
بالبشاميل ومعها قطع من الفراخ البانية ... آخ ... نسيت مجددا أنه لا توجد رائحة
الفراخ فى البيت ، كما أنه لا يوجد لبن لعمل البشاميل ، فقررت أن أطبخ ما هو موجود
... وفقط .
وجاءت فى رأسى فكرة ... العجة ... لذيذة ...
سهلة ... لا تحتاج لخطوات تحضيرية كثيرة ، فأحضرت أمامى البصل واعتدلت لأستعد ، وقطعت
البصل بدمى ودمعى وآهاتى ، وتزايدت أنهار الدموع البائسة حينما .... تذكرت أنى
نسيت شيئا ما يغلى على النار ... ولكنى لا أتذكر تحديدا ما هو ... ، فجريت بسرعة
نحو المطبخ ... وصعقت من المفاجأة ....
الفرخة عى النار ... !! ، كيف ؟ .... ، وخرجت
إلى الصالة ... وتأكدت أن باب الشقة مغلق جيدا ... ، إذا ... من أين أتت هذه
الفرخة ؟ ، إننى أعلم جيدا أنه لا توجد أى فرخة فى المنزل ... ، وشعرت بالخبل ...
ماذا سأفعل ؟ ... عجة ... أم سأطهو شيئا مع الفراخ ؟ ...
لا يهم مادامت النية موجودة والمبدأ الطيب
...
وتوجهت إلى الغسالة لأضع الفوج الثانى ، شعرت
أن هذا الفوج له قلب أشجع من الذى قبله ، إنهم ينظرون إلى ويضحكون وكأنهم سعداء
بالماء التى تهون علينا هذا الحر الفظيع ...
ورجعت إلى نية الطبخ ... ، ماذا سأفعل
بالشوربة ؟ ... تبا لهذه الفرخة التى وضعتنى فى موضع حرج ، وفكرت سريعا وقررت ...
سأطهو بسلة بالجزر وأرز ... نعم إن زوجى يحبها ، هذه بجانب العجة وأمرى إلى الله
...
وحضرت ثالث فوج من الغسيل ... شعرت أن الغسيل
يتزايد لا ينقص ، وتجاهلت مشاعرهم هذه المرة ، وسألت نفسى ... كم الساعة حتى
أستطيع القيام بكل ذلك قبل ميعاد الغداء ... ، إنها الحادية عشر والنصف ... ونظرت
فى النتيجة لأرى ميعاد صلاة الظهر اليوم ، وهنا تفاجئت مفاجئة شديدة ....
إن اليوم هو الحادى عشر من رمضان ..... !!
كيف نسيت ؟! .... ، لابد وأن عقلى فى حالة
متردية للغاية ...
قلت : الحمد لله ... هذا سيجعل لى وقتا طويلا
قبل تحضير الطعام ، ولابد أن أحدد سريعا أنواع العصائر التى سأضعها بجانب العجة .
وبعد انتهاء أطنان الغسيل حمدت الله وفكرت
... أين مكان التمر ؟ ... ، وبحثت عنه فى كل مكان فلم أجده ، كما أنه لا يوجد أى
نوع من العصائر الذى يمكن شربه بجانب الإفطار ...
ولكن ... لا يهم ... الإنسان هو الذى يصنع
الظروف وليست الظروف هى التى تصنعه .
واقترب ميعاد المغرب وحضرت الإفطار كما عزمت
منذ البداية ... كفتة بالأرز ... وتمر باللبن ، البيت نظيف ... كل شىء جاهز ..
ولكن زوجى لم يرجع من العمل بعد .
وسمعت أذان المغرب ... فقلت : لا يهم سيرجه
إلى البيت ويجد الطعام جاهز يمكنه تناوله فى أى وقت ، ولابد أن أكافىء نفسى بعد كل
هذا التعب بالطعام ... وفقط .
فشربت أول رشفة من التمر باللبن ... فشعرت أن
عقلى د رجه من سفر بعيد ، وبعد رجوع الدورة الدموية للسريان بنشاط مرة أخرى ...
تذكرت شيئا هاما ... إننى لست متزوجة من الأساس .... !
وحدمت الله أن أذان المغرب قد رفع فى الوقت
المناسب لأنه لو كان تأخر للحظة أطول من ذلك ... لرفض عقلى الرجوع من سفره الطويل
إلى الأبد ، وصليت صلاة المغرب وبدأت فى تناول الطعام ... أطعم مكرونة بالبشاميل
فى فمى ... لا حرم الله العالم من كل هذا التفوق فى الطبخ ...
29/7/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق