السبت، 30 يونيو 2012

هل تحب مصر ؟


هل تحب مصر ؟ِ
سؤال يتم طرحه كثيرا ونرد عليه فى كل مرة بكل حماسة بأفواهنا قبل عقولنا .... : بالطبع بكل كيانى .... ومستعد أن أموت من أجلها ...
سؤال رائع وإجابة أكثر روعة ... ، ولكن هلا توقفنا قليلا عند معنى السؤال .... ، هلا انتظرنا قبل أن نجيب .... ، هلا نظرنا إلى أفعالنا لنتأملها حتى نتأكد ما إذا كانت صادقة أو منافية لما نقول ...
إننا نعشق الكلام .... بشدة ، ولو قمنا باستغلال ربع الوقت الذى نتكلم فيه فى العمل لكان حالنا أفضل كثيرا ...
فهل - على سبيل المثال - الموظف المرتشى يحب مصر ؟
ولا تسارع بألسنتنا - كالعادة - لنتبرأ منه ونتهمه بأنه من فلول النظام السابق ، أو نلتمس له الأعذار لارتفاع الأسعار وضيق المعيشة ...
وهل من يتبول فى الشارع ويسبب منظرا بشعا أمام الأجانب الذين يزرورن بلادنا يحب مصر ؟
هل من يلقى بالقمامة وهو يمشى متلذذا بشىء يأكله ثم يرمى غلافه بدون مبالاه يحب مصر ؟
هل من يتحرش بالفتيات وخاصة من يتحرش بالأجنبيات يحب مصر ؟
ولا تلتمسوا له العذر أيضا للكبت وارتفاع سن الزواج فلا أحد يرضى بذلك لأهل بيته ، كما لا يلقى أحد باللوم دائما على الفتاة فليس كل الفتيات والسيدات تلبس الملابس التى تدفع لذلك ...
وهل المزارع الذى يعمل على خنق أراضينا الطيبة بالمبيدات الكيماوية بلا حساب ليقتل الآفة ومعها المحصول وأكباد المصريين .... هل هو أيضا ممن يحبون مصر ؟!!
وهل نعتبر من يراقب عليه ولا يهتم بهذه الفعلة ممن يحبون مصر أيضا ؟!!
وما رأيكم بمدى وطنية ربة المنزل التى تشترى بكميات كبيرة وتستهلك وتملأ الطاولة بمنزلها ثم تلقى بنصف الطعام فى القمامة بعدما أهلك كل من فى الأسرة معدته .... ؟ ، ولا تساعد الكثيرين فى مصر ممن نراهم ينامون فى الشارع ويبحثون عما يمكن أن يؤكل فى القمامة ؟
وما موقف الرجل الذى يقف فى الشارع يلقى بالألفاظ البذيئة على مسامعنا وأطفالنا باستهتار .... ، وما أكثرهم هذه الأيام ؟!
ومن يهجم على وسائل المواصلات غير عابىء بالشيخ الذى قد يضره هذا أو الاحتكاك بفتاة أو التخبط بمريض ؟
ومن يزيد سعر ما يبيعه فى بقالته مستغلا احتياج البسطاء للسلع ، وحكوماتنا المجيدة تعطيه فرصة لذلك بعدم رقابتها على أى شىء ؟ .... ، بل وتشعر أيضا أنه يتمنى أن يقفز إلى جيبك ليأخذ كل ما فيه ...
هل فكرتم بمدى وطنية الممثل أو الممثلة الذين يقومون بمشهد مفسد لأخلاق الناس ويثير غرائزهم ويخدش حياء الأطفال ويطلقون عليه أنه فن بحجة حرية الإبداع ؟ ، وينسون أن الفن الحقيقى إحساس راقى يعلو بفكر ووجدان الناس ولا يحط من أخلاقهم أبدا ....
ومن يستحم فى النيل هو وحيواناته بما فيهم من أمراض وميكروبات تتحملها المياه وتنقلها إلينا ؟
والرجل الذى درس الدين وفهم كثيرا مما لا يفهمه الناس وأصبح عالما .... ، ثم باع دينه وأفتى على هواه وألبس الحق بالباطل ؟ ...
والمدرس الذى يقهر الطلبة ويقلل من شأنهم لأنهم لم يطلبوا أن ينضموا لدروسه الخصوصية ، وكل من لا يعطى فرصة للمواهب أن تظهر لكى تنمو وتستفيد منها مصر فيما بعد خاصة المواهب العلمية والتى نحن فى أشد الحاجة إليها اليوم .
وماذا عن النصاب الثرى الذى يعامل معاملة الملوك فى السجن ؟! ، أما من يرتكب جريمة أقل منه يعامل كالعبيد لأنه فقير ؟ ..... ، فماذا عن وطنية كل من هو مسئول عن هذا الفرق فى المعاملة ؟
إنها مجرد أمثلة وليس كل شىء ... ، فكم نحب الكلام والحماسة لأن الكلام لا يكلف أحدا ..... ، فمن أراد إثبات وطنيته فليتحدث ... هذا هو الحال فى مصر ، وسوف لا يحاسبك على أفعالك أحد .
لقد نسوا هؤلاء وغيرهم الكثيرين أن الوطنية فعل وحياة واتجاه ونظرة جديدة للحياة ...
نسوا أن كل تصرف سىء تفعله تسىء لبلدك وتشدها للخلف ...
ولقد كلفنا الكلام الكثير فى الحقيقة ، فلا يصح أن نقول للعروس كم أنت جميلة ورائعة وفى أبهى صورتك ... ثم نلقى على ردائها الأبيض بالقمامة أو نشد شعرها ونقطع ثوبها .... ثم نقر بكل بساطة وبإصرار أننا مازلنا نحبها ...
فالمرحلة السابقة تكلمنا فيها بما فيه الكفاية حتى أنه لم يعد أى كلام ليقال .... ولم يبق لدينا إلا الأسف ...
فمن يحب مصر يجب أن يعمل على رفعتها وإعلاء بنائها ويصونها ويحميها ...
وما أذل وأخر مصر عن ركب الحضارة بسنوات إلا تصرفاتنا وليس النظام السابق فقط ، بل ساعدناه على إعطاء صورة سيئة لنا أمام العالم ، ونرمى كل اللوم على غيرنا دائما وعلى الظروف والإمكانيات ، ولكن مصر لها جوانب كثيرة جميلة ورائعة ، ومواردها والمشاريع التى يمكن أن تنفذ فيها كثيرة جدا ... ، كما أنها مليئة بالأماكن السياحية والأرض الخصبة النافعة للزراعة والأفكار البناءة والمواهب الشابة .... ، وكل ذلك دفناه بإيدينا ...
فإذا اعتبرنا مصر حقا أمانة فسنتق الله فيها ولا نفعل أى فعل يضرها وسنحافظ على الأمانة ، كما أن دماء من ماتوا من أجل حريتنا هى أيضا أمانة ، فلابد ألا نضيع دمائهم هدرا وأن نثور على أنفسنا ونصلحها قبل أن نثور على نظام أو فئة فاسدة ...
فما ارتفعت هذه الفئة على أكتافنا إلا بعدما قمنا نحن برفعها وما ساء النظام إلا بتصرفاتنا غير المتحضرة هذه ، فنحن من صنعنا الفرعون الذى قتلنا بضعفنا ، ولا أنكر أن هناك بعض الناس الذين لهم أفواه من ذهب لا تقول غير الحق وواجهت الظلم ، ولكننا لم ندافع عنهم عندما سقطوا فى أيدى الظلمة ولم نقف إلى جانبهم فى الحق ، ونصرنا الظالم على المظلوم بترديد هذه الجملة السخيفة : ( وانا مالى ورايا عيال عايز أربيهم ، هو احنا قد الناس دى ) ، وبسبب ذلك استهان النظام بالرأى العام وفعل كل ما فعل .
فالإنسان المتحضر لا يستطيع أى نظام العلو فوقه ويحترمه ويقدر رأيه لأنه صاحب رأى وفهم يناقش وعيون تراقب وقلب يخاف على بلده ، فمن المثير للحسرة أن نبدأ ثورة نقية شريفة ثم لا نكمل المشوار الذى بدأناه .... بالعمل والكفاح ....
2012


الجمعة، 29 يونيو 2012

العدو الصامت


العدو الصامت 
أراه واقفا أمامى .... عينان شريرتان تنظران لى فى الظلام .... ، شرارتهما تبعثان فى نفسى الرعب ، إنه العدو الصامت الذى يفتت جزءا منى دون حركة منه ... دون صراع ، فهو يأمر فقط ... فبالأمر يلبى جسدى كله أمره حتى أهزم وأنكسر .
آلام شديدة جسدية ونفسية تضغط على ، كيف أستسلم لهذا العدو الذى يكممنى ويكبلنى ويخنقنى دون أن يملك أيدى ؟ ، إننى أحاول أن أصارعه .... أن أسيطر عليه .... أن أقنع نفسى بأننى فى حالة جيدة وأنه لن يقدر أبدا على الانتصار ، ولكننى أحيانا أتراجع .... وافكر من جديد .... ، هل هذه هى الحقيقة أم أنه تمكن منى ؟ .... ، هل الجولات انتهت بفوزه ؟ .... ، إننى فى حيرة من أمرى ، ألقى فى عيون كل من حولى الشفقة والتأكيد بأنه المنتصر ... وأننى الخاسر .... ، ولكن ....
لا .... سأهزمه .... هذه ليست آخر جولة .... ، إنه شىء .... وأنا انسان أفكر ، سأدخل الحرب وأنا لا أعرف كيف البداية ... ولا كيف ستكون النهاية ولا حتى كيف يدور أو يدار الصراع ، ولكن كل ما أعرفه أننى سأدخل الحرب لا محالة .... ولا أحب أن أخرج منها مهزوما ....
إنه فى جسدى ... يسيطر على أعضائه ... يبتسم فى هدوء وخبث ، وتتألم نفسى بشدة لزحفه ، ولكن ركن بعيد فى قلبى يخبرنى أننى أقوى منه وأن مرحلة قوته ما هى إلا فترة قصيرة فى عمر قوتى ... ، لقد دخل العدو مملكتى على ضعف منى وعدم استعداد لخبر وصوله .... ، وما أخرنى عن النصر عليه هو طول فترة ذهولى من وصوله عندى ولم أتحرك للخطوة التى تليها ....
لا .... سأشفى يإذن الله ... سأكن الأفضل ... سأكن البطل الذى هزم هذا المرض الخبيث ....
إنه المرض الذى يمكن قتله بالصبر والإيمان .... وأنا الانسان المؤمن الذى لا يستطيع قتله أحد حتى لو تم اغتياله ، فكم من المرضى قتلهم المرض قبل سقوط القلب وتوقف العقل ... وكم منهم هزم بالاستسلام ، ولكن حربى معه المتحكم فيها فارس نبيل يبتسم فى عزة وثقة ، وحتى إذا انهزم ....فكفاه أنه قاتل بحزم وعزم شديدين ، وكفاه أنه لم يخضع وثار ولم يركن للضعف .
إنه العدو الذى لا يرتاح بهزيمتك أو بقتلك ... لا ، فهو يسعد إذا اانهارت دموعك خوفا منه .... ولسوف لا أعطيك أبدا هذه السعادة .... ، ولا هى سنوات المرض فى هذا الفراش بالتى تجعلك تغتر بأنك الأقوى ، فطول فترة المرض ما زادتنى إلا قوة وقدرة على تحمل المواجهة .... واعتيادى منك الشراسة وتوقعى اكتشاف أدواتى الداخلية على أن أكن أشرس منك ، وطول فترة المرض لا تنذر لإلا باقتراب النهاية ... وأن المنحنى سيهبط لا محالة .
وسيأتى يوما لإحفادى وأحفاد أحفادى يكون هذا المرض مجرد مرض قديم ، يذكر اسمه فى تاريخ الطب ... ، أو أنه سيكون له دواء وسلاح جديد معالج وفعال ، وسلاح الصبر والإيمان والثقة بالله هم الأقوى فى كل زمان .
وحتى إذا ظهرت أمراض جديدة أشد فتكا -وهذه سنة الحياة - .... ، فسيظهر أيضا فرسان مثلى مجاهدون يبتسمون فى وجه الإعصار ... فلا يستطيع أن يمحو ابتسامتهم مهما بلغت قوته ....
4/2012
( مهداة لكل من واجه مرض عضال مرير أعجزه عن الحركة والابتسام )

بقلمى : فاطمة على ماضى