الجمعة، 29 يونيو 2012

العدو الصامت


العدو الصامت 
أراه واقفا أمامى .... عينان شريرتان تنظران لى فى الظلام .... ، شرارتهما تبعثان فى نفسى الرعب ، إنه العدو الصامت الذى يفتت جزءا منى دون حركة منه ... دون صراع ، فهو يأمر فقط ... فبالأمر يلبى جسدى كله أمره حتى أهزم وأنكسر .
آلام شديدة جسدية ونفسية تضغط على ، كيف أستسلم لهذا العدو الذى يكممنى ويكبلنى ويخنقنى دون أن يملك أيدى ؟ ، إننى أحاول أن أصارعه .... أن أسيطر عليه .... أن أقنع نفسى بأننى فى حالة جيدة وأنه لن يقدر أبدا على الانتصار ، ولكننى أحيانا أتراجع .... وافكر من جديد .... ، هل هذه هى الحقيقة أم أنه تمكن منى ؟ .... ، هل الجولات انتهت بفوزه ؟ .... ، إننى فى حيرة من أمرى ، ألقى فى عيون كل من حولى الشفقة والتأكيد بأنه المنتصر ... وأننى الخاسر .... ، ولكن ....
لا .... سأهزمه .... هذه ليست آخر جولة .... ، إنه شىء .... وأنا انسان أفكر ، سأدخل الحرب وأنا لا أعرف كيف البداية ... ولا كيف ستكون النهاية ولا حتى كيف يدور أو يدار الصراع ، ولكن كل ما أعرفه أننى سأدخل الحرب لا محالة .... ولا أحب أن أخرج منها مهزوما ....
إنه فى جسدى ... يسيطر على أعضائه ... يبتسم فى هدوء وخبث ، وتتألم نفسى بشدة لزحفه ، ولكن ركن بعيد فى قلبى يخبرنى أننى أقوى منه وأن مرحلة قوته ما هى إلا فترة قصيرة فى عمر قوتى ... ، لقد دخل العدو مملكتى على ضعف منى وعدم استعداد لخبر وصوله .... ، وما أخرنى عن النصر عليه هو طول فترة ذهولى من وصوله عندى ولم أتحرك للخطوة التى تليها ....
لا .... سأشفى يإذن الله ... سأكن الأفضل ... سأكن البطل الذى هزم هذا المرض الخبيث ....
إنه المرض الذى يمكن قتله بالصبر والإيمان .... وأنا الانسان المؤمن الذى لا يستطيع قتله أحد حتى لو تم اغتياله ، فكم من المرضى قتلهم المرض قبل سقوط القلب وتوقف العقل ... وكم منهم هزم بالاستسلام ، ولكن حربى معه المتحكم فيها فارس نبيل يبتسم فى عزة وثقة ، وحتى إذا انهزم ....فكفاه أنه قاتل بحزم وعزم شديدين ، وكفاه أنه لم يخضع وثار ولم يركن للضعف .
إنه العدو الذى لا يرتاح بهزيمتك أو بقتلك ... لا ، فهو يسعد إذا اانهارت دموعك خوفا منه .... ولسوف لا أعطيك أبدا هذه السعادة .... ، ولا هى سنوات المرض فى هذا الفراش بالتى تجعلك تغتر بأنك الأقوى ، فطول فترة المرض ما زادتنى إلا قوة وقدرة على تحمل المواجهة .... واعتيادى منك الشراسة وتوقعى اكتشاف أدواتى الداخلية على أن أكن أشرس منك ، وطول فترة المرض لا تنذر لإلا باقتراب النهاية ... وأن المنحنى سيهبط لا محالة .
وسيأتى يوما لإحفادى وأحفاد أحفادى يكون هذا المرض مجرد مرض قديم ، يذكر اسمه فى تاريخ الطب ... ، أو أنه سيكون له دواء وسلاح جديد معالج وفعال ، وسلاح الصبر والإيمان والثقة بالله هم الأقوى فى كل زمان .
وحتى إذا ظهرت أمراض جديدة أشد فتكا -وهذه سنة الحياة - .... ، فسيظهر أيضا فرسان مثلى مجاهدون يبتسمون فى وجه الإعصار ... فلا يستطيع أن يمحو ابتسامتهم مهما بلغت قوته ....
4/2012
( مهداة لكل من واجه مرض عضال مرير أعجزه عن الحركة والابتسام )

بقلمى : فاطمة على ماضى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق